استشاري السمنة د. البدوي لـ “اليوم”: النساء أكثر عرضة لانتكاسات الوزن بعد جراحات السمنة

السمنة في الأطفال.. أزمة مستقبلية يجب التصدي لها الآن
15٪ من طلاب الابتدائية والمتوسطة مصابون بالسمنة في المملكة
اكتشاف السمنة مبكرًا يبدأ من عيادة طبيب الأسرة

أكد استشاري الغدد الصماء والسكري، الدكتور حسين البدوي، على أن التزايد الملحوظ في عمليات إنقاص الوزن بالمملكة والعالم يجب أن يواكبه وعي بالمضاعفات طويلة الأمد التي قد تواجه المرضى، مشدداً على أن المتابعة الطبية مدى الحياة ضرورية لتجنب مخاطر صحية خطيرة.

وبيّن الدكتور البدوي، وهو عضو مؤسس في الجمعية السعودية لدراسة السمنة، أنه على الرغم من تطور التقنيات الجراحية، فإن المضاعفات لم تختفِ بالكامل.

وأشار إلى أن أحد أبرز التحديات طويلة الأمد هو “عودة الوزن” أو الانتكاسة، والتي كشفت إحدى الدراسات السعودية أنها قد تصيب نحو 50% من المرضى بعد مرور ثلاث إلى خمس سنوات على الجراحة، مرجعاً السبب في الغالب إلى عوامل سلوكية يمكن التعامل معها حديثاً عبر أدوية مضادة للسمنة تحت إشراف طبي.

ولفت “البدوي” الانتباه إلى المضاعفات قصيرة المدى، مثل تسريب الأمعاء، الذي قد تظهر أعراضه بشكل خفي على هيئة تعب عام وارتفاع في نبضات القلب، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً. كما أشار إلى بعض الحالات النادرة والخطيرة مثل “اعتلال هبوط السكري”، حيث يفرز الجسم الأنسولين بشكل مفرط بعد تناول السكريات، مما يتطلب وعياً وتثقيفاً للمريض لتجنب نوبات الهبوط المفاجئ.

وتطرق الدكتور البدوي إلى قضية سمنة الأطفال المتنامية، كاشفاً أن الدراسات تشير إلى معاناة 15% من طلاب الابتدائية والمتوسطة و17% من طلاب الثانوية والجامعات من السمنة.

واعتبر هذا الأمر تحدياً وطنياً خطيراً، مشيداً في الوقت نفسه ببدء توفير المملكة لأدوية مرخصة لعلاج السمنة للأطفال من سن 12 عاماً.

جاء ذلك في حوار لـصحيفة “اليوم” ، إلى نص الحوار:

ما سبب تزايد الحديث مؤخرًا عن مضاعفات جراحات السمنة؟

في الحقيقة، لقد ارتفعت نسبة عمليات تقليل الوزن بشكل ملحوظ، ليس فقط في المملكة، بل على مستوى العالم.

ومع تطور التقنيات الجراحية، أصبحت المضاعفات أقل، لكن هذا لا يعني أنها اختفت تمامًا. لا تزال هناك احتمالية، ولو صغيرة، لحدوث مضاعفات سواء على المدى القصير أو الطويل.

ما دور طبيب الأسرة أو الطبيب العام في متابعة هذه المضاعفات؟

المريض غالبًا لا يدرك أن أعراضًا بسيطة قد تكون مرتبطة بالجراحة التي أجراها منذ سنوات، لذلك يلجأ إلى طبيبه المعتاد.

هنا يأتي دور طبيب الأسرة في التنبه لبعض الشكاوى التي تُعد بمثابة ”أعلام حمراء“، وتستلزم إما تدخلاً فوريًا أو إحالة للجراح المختص.

ما أبرز المضاعفات التي قد تحدث في الأيام الأولى بعد الجراحة؟

أحد أبرزها هو تسريب الأمعاء في عمليات تحويل المسار، حيث يتم خياطة جزء من الأمعاء بجزء آخر.

إذا حدث تسريب صغير، قد لا يشعر المريض بأعراض حادة، بل فقط تعب عام وارتفاع في نبضات القلب، مما يشير إلى اضطراب داخلي. هذا قد يستدعي التدخل الجراحي العاجل لإصلاح التسريب.

وماذا عن المضاعفات على المدى البعيد؟

المضاعفات طويلة الأمد كثيرة، ونعمل على التوعية بها. من أبرزها: نقص الامتصاص الغذائي بعد سنوات من الجراحة.

فقر الدم الناتج عن نقص الحديد، ونقص فيتامين B12 الذي يؤثر على الأعصاب والذاكرة نقص فيتامين D، الشائع جدًا، والذي قد يؤدي إلى هشاشة العظام وآلامًا عظمية، ورجوع الوزن «الانتكاسة»، وهي من أكثر المضاعفات شيوعًا.

هل هذه المضاعفات تستدعي العلاج مدى الحياة؟

نعم، بعض النواقص مثل الحديد وB12 وD تحتاج إلى مكملات دائمة.

ونتمنى من الأطباء في جميع التخصصات تنبيه المرضى إلى أهمية الاستمرار على هذه المكملات بعد العملية، وليس فقط في السنة الأولى.

ماذا عن رجوع الوزن؟ ما أسبابه؟

رجوع الوزن يُعد من أكثر التحديات بعد الجراحة، خاصة بعد مرور ثلاث إلى خمس سنوات. إحدى الدراسات السعودية وجدت أن 50% من المرضى تعرضوا لعودة الوزن.

السبب في الغالب سلوكي؛ فحتى لو كانت المعدة صغيرة، تناول لقمة زائدة يوميًا على مدار سنوات قد يؤدي إلى زيادة الوزن.

وهنا نوصي باستخدام مضادات السمنة الحديثة، سواء كانت على شكل إبر أو حبوب بإشراف الطبيب المعالج.

هل هناك وعي كافٍ بهذا النوع من المضاعفات؟

الوعي بدأ يتحسن مؤخرًا، لكن لا يزال كثير من الناس يجهلون بعض المضاعفات النادرة الخطيرة مثلاً اعتلال هبوط السكري المصاحب لجراحات السمنة.

فالجسم قد يفرز الإنسولين بشكل مفرط عند تناول السكريات، مما يؤدي إلى هبوط مفاجئ.

الحل هنا هو التوعية، وتعليم المريض كيف يوازن كمية السكريات التي يتناولها.

من الأكثر عرضة للانتكاسات بعد العملية؟ النساء أم الرجال؟

لا يمكن الجزم بالنسبة، لكن إحصائيًا، النساء أكثر بالعدد. ليس بسبب الجنس، بل لأن عدد النساء المقبلات لإجراء العمليات أكثر.

وهن أكثر حضورًا للعيادات ونسبة السمنة لديهن أعلى في بعض الدول، ومنها المملكة حيث ان السمنة لدى النساء البالغات في السعودية تضع المملكة ضمن أعلى 20 دولة عالميًا، والثانية خليجيًا.

ماذا عن السمنة عند الأطفال؟

السمنة في الأطفال أصبحت تحديًا كبيرًا. الدراسات تشير إلى أن 15% من طلاب الابتدائية والمتوسطة يعانون من السمنة، و17% من طلاب الثانوية والجامعات كذلك وهذا أمر خطير، لأن هؤلاء الأطفال يمثلون القوة المستقبلية للمجتمع.

كيف يمكن اكتشاف السمنة مبكرًا عند الأطفال؟

عن طريق المتابعة الدورية عند طبيب الأسرة أو الأطفال، باستخدام مخططات النمو التي تقارن الطول والوزن بالعمر. إذا ظهر تسارع غير طبيعي، فهذا مؤشر على وجود مشكلة كما أن المملكة بدأت توفير أدوية مرخصة لعلاج السمنة من سن 12 عامًا، وهو تطور مهم.

ما هي الرسالة التي تود توجيهها في الختام؟

السمنة ليست مجرد مسألة مظهر، بل مرض يؤثر على جودة الحياة على المدى البعيد. المطلوب هو رفع مستوى التوعية، وطلب المساعدة الطبية مبكرًا، والاستمرار في المتابعة والتثقيف بعد الجراحة، وليس فقط في الأشهر الأولى، والوعي هو خط الدفاع الأول، والتعاون بين المريض والطبيب هو مفتاح النجاح في مواجهة هذا المرض.