استشارية لـ اليوم: الإجهاض الواحد غير مقلق.. واضطراب الغدد «عدو خفي»

وضعت استشارية أمراض النساء والولادة، الدكتورة عزة بشير، حداً للقلق المرتبط بمصطلح «الإجهاض المتكرر»، محددة إياه طبياً بحدوث فقدان للحمل لمرتين متتاليتين أو أكثر، وهو ما يستدعي تدخلاً طبياً دقيقاً وتحرياً عميقاً للمسببات، مميزةً بينه وبين حالات الإجهاض الفردية العارضة التي تواجهها الكثير من السيدات مرة واحدة في العمر ولا تستوجب القلق.

وأوضحت الدكتورة عزة بشير ل”اليوم” أن الفريق الطبي يبدأ في دق ناقوس الخطر والبحث عن الأسباب الكامنة بمجرد تكرار فقدان الجنين، مؤكدة أن الحالات الفردية غالباً ما تكون حدثاً طبيعياً عابراً، بينما يتطلب التكرار وضع خارطة طريق علاجية تعتمد على التشخيص الدقيق واستبعاد المسببات المرضية.

مسببات طبية

حصرت الاستشارية المسببات الطبية للإجهاض المتكرر في أربعة محاور رئيسية، يتصدرها الخلل في الكروموسومات الذي يؤدي غالباً إلى عدم تكون الجنين بشكل سليم وتوقف نموه في المراحل المبكرة، مما يعد سبباً شائعاً لفقدان الحمل.

ولفتت إلى أن العوامل التشريحية تلعب دوراً حاسماً، حيث تعاني بعض السيدات من عيوب خلقية في شكل الرحم، أو وجود أورام ليفية ولحميات داخل التجويف الرحمي، وهي عوائق مادية تمنع انغراس الجنين بشكل صحيح وتضعف فرص استمرار الحمل حتى النهاية.

اضطرابات التجلط

سلطت عزة الضوء على خطورة اضطرابات التجلط، وتحديداً ما يعرف بـ «متلازمة مضادات الفوسفوليبيد»، التي تجعل الدم أكثر عرضة للتجلط داخل الأوعية الدقيقة للمشيمة، مما يؤدي إلى انقطاع إمدادات الغذاء والأكسجين عن الجنين ووفاته، مؤكدة أن هذه الحالة قابلة للعلاج فور تشخيصها.

وحذرت من تأثير الاختلالات الهرمونية ومشاكل الغدد، مشيرة إلى أن تكيس المبايض غير المعالج، واضطرابات الغدة الدرقية، وارتفاع سكر الدم غير المسيطر عليه، تشكل بيئة غير آمنة لاستقرار الحمل وتزيد من احتمالات الإجهاض المتكرر.

آليات التشخيص

وعن آليات التشخيص، بينت الدكتورة عزة أن الخطة تعتمد على منظومة متكاملة من الفحوصات تشمل تحاليل التجلط ووظائف الغدد والهرمونات، وقد تمتد لتشمل الفحص الجيني للزوجين أو فحص أنسجة الجنين المجهض لمعرفة ما إذا كان الخلل وراثياً.

ونوهت إلى أهمية التصوير الطبي، حيث يعتمد الأطباء على الموجات فوق الصوتية، وقد يستلزم الأمر إجراء تصوير بالصبغة أو منظار الرحم للتأكد من سلامة التجويف وقدرته الفسيولوجية على احتضان الحمل والحفاظ عليه.

واختتمت الدكتورة عزة حديثها برسالة طمأنة للنساء، مؤكدة أن الأمل بحدوث حمل مكتمل يظل كبيراً جداً حتى في الحالات التي لا يظهر فيها سبب طبي واضح، شريطة الالتزام بالمتابعة المنتظمة وبناء الثقة مع الفريق الطبي الذي يرافق الأم خطوة بخطوة لإعادة المحاولة بنجاح.