محمد منيع أبو زيد.. يكتب: الشباب والفتيات بين تحديات الحياة ونداء الإيمان “مسؤولية أمة وضرورة احتواء”
في زمنٍ تتسارع فيه المتغيرات وتتزاحم فيه التحديات، يقف شبابنا وفتياتنا في مفترق طرق حاد بين الطموح والضياع، وبين الوعي والانكسار.
هذا المقال ليس ترفًا فكريًا ولا مجرد وعظ عابر، بل هو دعوة حقيقية لفهم أعماق الجيل الجديد، ونداء لكل أسرة ومجتمع أن يتعاملوا مع الشباب بعين الحكمة والرحمة، لا بعين الشك أو الغضب.
نستعرض فيه كيف نظر الإسلام إلى الشباب والفتيات، وكيف احتواهم رسول الله ﷺ، ونتأمل سويًا في سُبل تربوية وإنسانية تعيد الجسر بين الأجيال، لنُضيء الطريق في وجه من سيحملون مشعل الأمة غدًا.
هذا المقال كُتب بقلب مفتوح، وعقل مسؤول، ورسالة أمل. اقرأه لا لتحكم، بل لتفهم… لا لتراقب، بل لتحتضن.
الاهتمام الإلهي والنبوي بالشباب والفتيات
لقد أعلى الإسلام شأن الشباب والفتيات، واعتبرهم الطاقة الحقيقية للأمة. ففيهم الأمل، وعلى أكتافهم تُبنى الحضارات.
قال الله تعالى عن أصحاب الكهف:
﴿إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى﴾ [الكهف: 13]
فربط الله بين الشباب والإيمان والهداية، وجعلهم مثالًا للتضحية والثبات على المبدأ في وجه الفتنة.
أما رسول الله ﷺ، فكان أحرص الناس على الشباب، وأكثرهم احتواءً لهم.
أسامة بن زيد لم يتجاوز العشرين من عمره حين عيّنه النبي ﷺ قائدًا لجيش فيه كبار الصحابة.
وقال لابن عباس وهو غلام:
“يا غلام، إني أعلّمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك…”
وفي موقف آخر، جاء شاب إلى النبي ﷺ يطلب الإذن بالزنا، فلم يُهِنْه أو يصرخ عليه، بل وضع يده على صدره ودعا له:
“اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه”
فخرج الشاب وقد أصبح من أبعد الناس عن الفاحشة.
التحديات النفسية والاجتماعية
الشباب والفتيات اليوم يواجهون من الضغوط النفسية والعاطفية ما قد لا يراه الكبار، لكنهم لا يشتكون دائمًا.
بين منصات التواصل، وتضارب القدوات، وتوقعات المجتمع، يجد الشاب والفتاة أنفسهم تحت مجهر لا يرحم.
القلق والاكتئاب، والعزلة، والشعور بعدم الأهمية… كل ذلك يتسلل بصمت، دون أن يشعر بهم أحد.
قال رسول الله ﷺ:
“إن هذا الدين يُسر، ولن يُشادّ الدين أحد إلا غلبه”
فلا ينبغي أن نحمّلهم فوق طاقتهم، ولا أن نحاكمهم بلغة زمنٍ لم يعيشوه.
الاحتضان لا الإقصاء
ما يحتاجه الشاب والفتاة اليوم هو الاحتواء، لا التوبيخ، هو الفهم، لا الإدانة.
إنهم لا يبحثون دائمًا عن حل، بل عن من يصغي إليهم دون سخرية، من يؤمن بقدرتهم دون شروط.
إنهم لا يريدون مثالية زائفة، بل بشرًا حقيقيين يرافقونهم ويعلّمونهم المعنى والنية.
حديث السبعة الذين يُظلهم الله
قال النبي ﷺ:
“سبعة يُظلهم الله في ظلّه يوم لا ظل إلا ظلّه: إمامٌ عادل، وشابٌّ نشأ في عبادة الله، ورجلٌ قلبه معلّق في المساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرّقا عليه، ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجلٌ ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه”
[رواه البخاري ومسلم]
ثاني من ذكرهم: شابّ نشأ في عبادة الله… وهذه ليست صدفة، بل تفضيل إلهي واضح لهذه المرحلة الحرجة من العمر.
الأسرة: البيئة الأولى لبناء الشخصية
ليست المدرسة أو المنبر أو حتى المسجد أول مدرسة في حياة الشاب، بل الأسرة.
في البيت تتشكل الفكرة الأولى عن الله، وعن النفس، وعن الآخرين.
القدوة الحية أقوى من ألف كلمة
إذا رأى الابن أباه يصدق ويصلي، أحبهما، وإذا رأت البنت أمها تستقيم وتحتوي، اقتدت بها.
قال ﷺ:
“ما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نُزع من شيء إلا شانه”
ولذلك كان الرفق قاعدة ذهبية في التربية.
الشباب والفتيات: رسائل وبشائر
يا شباب هذا الجيل… ويا فتياته…
أنتم لستم عبئًا، بل أنتم الجذوة التي يُضاء بها المستقبل.
أنتم الأمل في زمن تعثرت فيه الكثير من القيم، أنتم رُسل النقاء وسط عالم يغري بالانطفاء.
لا تدعوا أحدًا يُطفئ نوركم، ولا تجعلوا سقف أحلامكم منخفضًا بما يقوله الناس.
الله يراكم، ويعلم ضعفكم، ويعرف نيتكم، وهو أرحم بكم من أمهاتكم.
توبوا وإن أخطأتم، وعودوا وإن ابتعدتم، واطرقوا أبواب الخير ولو بأقدام مرتجفة.
فما أكرم الله، وما أعظم رجاءه.
اللهم يا من هديت أصحاب الكهف في زمن الفتنة،
اهدِ شبابنا وبناتنا في زمن الانفتاح.
اللهم ثبّت قلوبهم، ووسّع صدورهم، واغمرهم برضاك ونورك،
اللهم اجعلهم ممن نشأ في طاعتك، وممن قلت فيهم خيرًا،
اللهم احفظهم من كل فتنة، واصرف عنهم السوء والضعف والخذلان،
واجعلهم مفاتيح للخير، دعاة للهدى، بناةً للمستقبل، وذخراً لأمتهم ودينهم ووطنهم.
صحيفة عكاظ اليوم ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.