استشاري لـ اليوم: 95% من هرمون السعادة مصدره الجهاز الهضمي

كشف استشاري أمراض الجهاز الهضمي والكبد، الدكتور طارق الشعراوي، عن مفاجأة طبية تغير المفاهيم السائدة حول “هرمون السعادة”، مؤكداً أن 95% من مادة “السيروتونين” تُنتج داخل الجهاز الهضمي وليس في الدماغ كما يعتقد الغالبية، مما يرسخ مفهوم “الدماغ الثاني” ويفتح آفاقاً جديدة لعلاج الاضطرابات النفسية والهضمية عبر بوابة الأمعاء.

أوضح الدكتور الشعراوي في حديث خاص لـ “اليوم” أن السيروتونين، الذي ارتبط طويلاً بالراحة النفسية، هو في الأصل هرمون محلي للأمعاء، يتم تصنيعه بواسطة خلايا «الإنتروكرومافين» المتخصصة في بطانة الجهاز الهضمي استجابةً للمحفزات الغذائية والعصبية.

بيّن الاستشاري أن هذا الهرمون يلعب دور المايسترو في تنظيم حركة الأمعاء التموجية، حيث يتحكم في تقلصات العضلات الملساء لضمان مرور الطعام والفضلات بسلاسة، فضلاً عن تحفيز إفراز الإنزيمات الضرورية لعملية الهضم والامتصاص.

لفت الشعراوي إلى أن السيروتونين يمتلك وظيفة مزدوجة وحيوية، فهو المسؤول عن إرسال إشارات “الشبع” إلى الدماغ، مما يجعله لاعباً رئيسياً في التحكم بالشهية وإدارة الوزن، ومحوراً لأبحاث علاج السمنة.

وشدد الدكتور طارق على الدور الدفاعي لهذا الناقل الكيميائي، حيث تفرز الأمعاء كميات مكثفة منه عند التعرض لتهيج أو تسمم، مما يحفز الغثيان أو الإسهال لطرد المواد الضارة وحماية الجسم بسرعة فائقة.

وتطرق الحديث إلى “محور الأمعاء – الدماغ”، حيث أكد الشعراوي أن السيروتونين هو لغة التخاطب بين الجهازين عبر العصب الحائر، مما يفسر علمياً لماذا نشعر باضطرابات معوية عند التوتر، ولماذا يؤثر عسر الهضم على مزاجنا العام.

وربط الاستشاري بشكل وثيق بين خلل مستويات السيروتونين ومتلازمة القولون العصبي، مشيراً إلى أن تذبذب هذا الهرمون هو المسؤول المباشر عن أعراض الألم والمغص واضطرابات الإخراج المزمنة التي يعاني منها الملايين.

وأشار الشعراوي إلى أن الآثار الجانبية للعلاج الكيميائي، مثل الغثيان الشديد، تعود لتحفيز الأدوية لإطلاق السيروتونين بكميات كبيرة في الأمعاء، مما يبرز أهمية تطوير مثبطات نوعية للتحكم في هذه الأعراض.

ونصح الطبيب بضرورة الاهتمام بالأغذية الغنية بحمض «التريبتوفان» كالبيض والسبانخ والدواجن، مؤكداً أن النظام الغذائي المتوازن والتمارين الرياضية هما المفتاح الطبيعي لتعزيز إنتاج هذا الهرمون الحيوي وتحسين الحالة المزاجية.

وأكد على أن المستقبل العلاجي يكمن في استهداف مستقبلات السيروتونين المعوية، معتبراً أن النظرة الحديثة للطب تؤكد أن الصحة النفسية والجسدية تبدأ فعلياً من سلامة الأمعاء وتوازنها الميكروبي.