هل يؤثر “النوم” على الاستجابة المناعية للتطعيمات؟ .. طبيب يجيب لـ”اليوم”

أكد طبيب الروماتيزم وهشاشة العظام الدكتور ضياء حسين “اليوم”، أن النوم يعتبر عاملاً مهماً يساعد في تحديد فعالية اللقاحات، أن العوامل السلوكية مثل النوم تؤثر على الاستجابة المناعية للتطعيم وأن عدم النوم في الليلة التالية لتلقي اللقاح يضعف استجابة الجهاز المناعي.

وأضاف: “في بعض الحالات، يقلل ذلك من فعالية اللقاح، وقد يتطلب الأمر جرعة ثانية، وقد لا يمنح الأشخاص الذين لا يحصلون على ساعات كافية من النوم أجسامهم الوقت الكافي لتكوين ذاكرة مناعية، مما قد يجعلهم غير محصنين رغم تلقيهم التطعيم”.

وأوضح أن الجسم البشري يحتاج إلى ساعات كافية من النوم المنتظم يوميًا، لأن النوم يمثل مرحلة أساسية

لإعادة شحن الطاقة، وتنظيم عمل الهرمونات، وتجديد خلايا الجسم والدماغ، بينما الاستمرار في تقليل ساعات النوم يخل بتوازن الجسم بشكل تدريجي وصامت.

وأضاف “ضياء” أن نقص النوم ينعكس سلبًا على صحة الإنسان العامة، حيث أظهرت دراسة نشرت في مجلة علم المناعة عام 2025 أن الحرمان من النوم ولو لليلة واحدة فقط يؤدي إلى تغيير جهاز المناعة وزيادة الالتهاب وتزيد من خطر الإصابة بالأمراض، إلى جانب اضطراب وظائف الدماغ مثل ضعف التركيز والذاكرة، وارتفاع مستويات التوتر والقلق ، بالإضافة إلى ذلك ترتبط قلة النوم بزيادة خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السكري النوع الثاني ، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، إضافة إلى السمنة والتمثيل الغذائي.

ولفت إلى أن الحرمان من النوم يعتبر من أخطر السلوكيات الصحية المنتشرة في وقتنا الحاضر، إذ إن مفهوم الحرمان لا يقتصر فقط على قلة عدد ساعات النوم، بل يشمل أيضا تدني جودة النوم وعدم الحصول على النوم العميق والمريح الذي يحتاجه الجسم لإتمام عملياته الحيوية، كما أن الحرمان المزمن من النوم يسرّع من مظاهر التقدم في العمر، سواء على مستوى الجلد أو الدماغ، حيث تؤدي قلة النوم إلى زيادة الالتهابات في الجسم، وتراجع قدرة الخلايا على التجدد، ما ينعكس سلبًا على نضارة البشرة ويعجّل بتدهور القدرات الذهنية، وقد يرفع من احتمالات الإصابة بالتراجع الإدراكي في سن مبكرة .

ولفت إلى أن هناك دراسات عديدة أجريت في مراكز بحثية وجامعات متخصصة في أوروبا والولايات المتحدة خلال عام 2025، أكدت وجود ارتباط وثيق بين قلة النوم واضطرابات صحة الدماغ، حيث أظهرت أن النوم غير الصحي أو غير المنتظم قد يسرّع من شيخوخة الدماغ، ويزيد من مخاطر الخلل الإدراكي، كما بينت هذه الدراسات أن النوم الصحي يلعب دورًا مهمًا في تقليل الالتهابات المزمنة وحماية الخلايا العصبية.

وكشف د.ضياء أن النوم الصحي ينعكس بشكل مباشر وإيجابي على الصحة النفسية للإنسان، فالنوم الجيد يساعد الدماغ على تنظيم الانفعالات والتعامل مع الضغوط اليومية بهدوء واتزان، والأشخاص الذين يحصلون على ساعات نوم كافية يتمتعون باستقرار نفسي أفضل وقدرة أعلى على التحكم بالمشاعر والانفعالات.

وأضاف أن النوم الصحي يسهم في خفض مستويات القلق والتوتر، ويقلل من تقلبات المزاج والعصبية، كما يلعب دورا وقائيا مهما في تقليل احتمالات الإصابة بالاكتئاب واضطرابات المزاج ، كما أن النوم الجيد يعزز التوازن الكيميائي في الدماغ خاصة النواقل العصبية المرتبطة بالهدوء والشعور بالرضا، ما ينعكس على جودة الحياة والصحة النفسية العامة ، كما يدعم النوم المنتظم القدرات الذهنية الإيجابية مثل التركيز، والذاكرة، والمرونة العقلية، الأمر الذي يرفع من مستوى الأداء في العمل والدراسة، ويعزز الثقة بالنفس والشعور بالاستقرار العاطفي ، فالنوم أحد الأعمدة الأساسية للصحة، إلى جانب التغذية السليمة والنشاط البدني.

واختتم د.ضياء تصريحه بالتأكيد على أن النوم الجيد يعزز الإنتاجية في العمل والدراسة، ويقلل من الأخطاء الناتجة عن الإرهاق الذهني وقلة التركيز، كما ينعكس إيجابيًا على سرعة اتخاذ القرار وحسن التقدير في المواقف المختلفة ، كما يسهم النوم الصحي كذلك في تحسين العلاقات الاجتماعية والأسرية، حيث يساعد على الاستقرار المزاجي والتواصل الإيجابي مع الآخرين، ويقلل من حدة التوتر والانفعال، كما أن الشعور بالراحة بعد نوم جيد يعزز الإحساس بالرضا العام، ويؤثر بشكل مباشر على جودة الحياة والصحة النفسية والاجتماعية، بينما الحرمان من النوم قد يؤدي إلى تراجع الأداء الوظيفي وزيادة احتمالات الحوادث خاصة في الأعمال التي تتطلب تركيزًا عاليًا، داعيا الجميع إلى أهمية الاهتمام بساعات النوم وجودته، والالتزام بمواعيد نوم واستيقاظ منتظمة وثابتة، وتهيئة بيئة مناسبة وهادئة للنوم، وتقليل استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم، والابتعاد عن المنبهات في ساعات المساء، فالنوم الصحي ليس رفاهية، بل ضرورة حيوية لحماية صحة الإنسان الجسدية والنفسية وضمان حياة أكثر توازنا وجودة.