مختص لـ ”اليوم“: التطوع يبطئ «الشيخوخة» ويرفع الصحة النفسية 25%

كشف استشاري الروماتيزم وهشاشة العظام، الدكتور ضياء حسين، عن علاقة طبية مباشرة بين العمل التطوعي وتباطؤ الشيخوخة البيولوجية، مؤكداً أن التطوع تجاوز مفهومه الاجتماعي ليصبح ”ضرورة صحية“ مثبتة علمياً تسهم في خفض مؤشرات الالتهاب بالجسم، وتعزيز صحة القلب والدماغ، ورفع متوسط العمر المتوقع، خاصة لدى كبار السن، استناداً إلى أحدث الدراسات العالمية وإحصاءات 2025.

وأكد الدكتور ضياء حسين أن الأبحاث الطبية الحديثة أحدثت تحولاً في مفهوم العمل التطوعي، حيث نقلته من مجرد سلوك إنساني نبيل إلى عامل حيوي مؤثر في الصحة الجسدية والنفسية، يسهم بشكل مباشر في رفع جودة الحياة وتعزيز المناعة ضد أمراض العصر.

أنشطة تطوعية

أوضح حسين أن الانخراط في الأنشطة التطوعية يعمل كدواء طبيعي للقلب من خلال خفض مستويات التوتر وتنشيط الدورة الدموية، إضافة إلى دوره الكبير في تحفيز العمليات الذهنية وحل المشكلات، مما يعزز صحة الدماغ ويقي من التدهور المعرفي.

واستشهد الدكتور ضياء بدراسة حديثة نشرتها مجلة «Social Science Medicine» عام 2025، كشفت أن التطوع لمدة ساعة واحدة فقط أسبوعياً يرتبط ببطء الشيخوخة البيولوجية للخلايا والأنسجة، مقارنة بالعمر الزمني الفعلي للإنسان.

تأثير صحي

أشار حسين إلى أن التأثير الصحي للتطوع يزداد طردياً مع زيادة ساعات المشاركة، حيث ارتبط التطوع لأكثر من أربع ساعات أسبوعياً بأكبر انخفاض في تسارع العمر البيولوجي، بغض النظر عن الحالة الوظيفية للفرد، مما يعزز فرص العيش لفترة أطول بصحة جيدة.

ولفت الدكتور ضياء النظر إلى دراسة نشرتها مجلة «Gerontologist» عام 2022، أظهرت انخفاضاً ملحوظاً في تركيز البروتين التفاعلي سي «CRP» المسبب للالتهابات لدى المتطوعين ممن تجاوزوا 65 عاماً، مقارنة بنظرائهم غير المتطوعين.

دمج مجتمعي

بيّن استشاري الروماتيزم وهشاشة العظام أن كبار السن هم الفئة الأكثر جنياً لثمار التطوع، إذ يساعدهم الدمج المجتمعي في كسر طوق العزلة وتقليل مخاطر الإصابة بالخرف وأمراض الشيخوخة، فضلاً عن رفع تقدير الذات والشعور المستمر بقيمة الدور الذي يؤدونه.

ونوه إلى دراسات جامعة هارفارد التي أثبتت تمتع المتطوعين بصحة نفسية أعلى بنسبة تصل إلى 25%، في حين أكدت تقارير منظمة الصحة العالمية أن التطوع المنتظم يرفع متوسط العمر المتوقع نتيجة تحسن نمط الحياة الصحي والنشاط البدني المصاحب للأعمال التطوعية.

وأبرز الدكتور ضياء نتائج تحليل معلوماتي شمل 22 دولة أوروبية، خلص إلى أن الأثر الإيجابي للتطوع يظهر بوضوح أكبر لدى كبار السن الذين يعانون من حالة صحية أولية ضعيفة، مما يجعل التطوع وسيلة علاجية فعالة لتحسين صحة الفئات الأكثر عرضة للتدهور.

فوائد نفسية

شدد حسين على ضرورة استثمار طاقات أكثر من نصف مليون شخص تجاوزوا السبعين عاماً وفق الإحصاء السكاني لعام 2023، عبر تصميم برامج مجتمعية تتناسب مع قدراتهم وتمنحهم التدريب اللازم لضمان استمراريتهم وتعظيم الفوائد النفسية لهم.

وأكد على أن التطوع استثمار شامل يرسخ التماسك الاجتماعي ويقلل الفجوات بين الأفراد، داعياً الجميع للمشاركة في مبادرات تتنوع بين التوعية الصحية والأنشطة البيئية لبناء مستقبل أكثر إيجابية وتعاوناً.