“كيمارك”: أبحاث الخلايا الجذعية تواجه تحدي الادعاءات الطبية المضللة

أكد الأستاذ الدكتور أحمد العسكر، المدير التنفيذي لمركز الملك عبدالله العالمي للأبحاث الطبية “كيمارك”، أن أبحاث الخلايا الجذعية أصبحت اليوم أحد أكثر المجالات الطبية إثارة للجدل، حيث تتأرجح بين الآمال العلمية والتطبيقات المثبتة من جهة، وبين الأوهام والدعاية المضللة التي تستغل حاجة المرضى من جهة أخرى.

جاء ذلك خلال مشاركته في المؤتمر الدولي للعلاج بالخلايا الجذعية الذي نظمته جامعة الفيصل بالرياض، بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين المحليين والدوليين في مجال الطب التجديدي.

وأوضح العسكر، الذي يترأس أيضاً الجمعية السعودية لزراعة الخلايا الجذعية، أن هذه الخلايا

الأولية القادرة على التجدد والتحول إلى أنواع مختلفة من خلايا الجسم، استحوذت على اهتمام العلماء عالمياً.

وبيّن أن الاستخدامات الطبية المثبتة علمياً حتى الآن تتركز في زراعة نخاع العظم لعلاج أمراض الدم السرطانية والوراثية، إلى جانب تحقيق نجاحات ملموسة في زراعة الجلد لضحايا الحروق وترميم قرنية العين.

ولفت إلى وجود أبحاث متقدمة واعدة تبنى على أسس علمية متينة، لكنها لا تزال في مراحلها التجريبية، وتهدف لعلاج أمراض مزمنة ومعقدة مثل السكري وباركنسون وإصابات الحبل الشوكي.

وأشار إلى دورها في تطوير نماذج مصغرة للأعضاء البشرية تُعرف ب «الأورغنويدات»، والتي تُستخدم في اختبار فعالية الأدوية وتعميق فهم آليات الأمراض المختلفة.

في المقابل، أطلق العسكر تحذيراً شديداً من انتشار عيادات غير مرخصة تروّج لعلاجات وهمية لأمراض مستعصية كالزهايمر والتوحد، أو تدّعي قدرتها على إيقاف الشيخوخة.

وشدد على أن هذه الممارسات تفتقر لأي إثبات علمي، بل وتشكل خطراً حقيقياً على صحة المرضى، حيث تم تسجيل مضاعفات خطيرة في بعض الحالات. كما نبه إلى استغلال المصطلح في الترويج لمستحضرات تجميل ومكملات غذائية لا تمت للطب بصلة.

وأشار إلى أن هيئات صحية وعلمية عالمية، كهيئة الغذاء والدواء الأمريكية والأنظمة الأوروبية واليابانية، قد وضعت ضوابط صارمة لمواجهة هذه التجاوزات.

وأكد أن المملكة استثمرت في مراكز بحثية متقدمة مثل «كيمارك»، مع التزام تام بالمعايير الأخلاقية والقوانين المنظمة للأبحاث الطبية لحماية المرضى وضمان سلامة الممارسات.

وأشار إلى أن المستقبل يحمل آمالاً كبيرة، خاصة مع إمكانية دمج علم الجينات مع الخلايا الجذعية لعلاج أمراض وراثية، والتوجه نحو طباعة أعضاء بشرية كاملة. لكنه شدد على أن الطريق لا يزال طويلاً، وأن الأمل الحقيقي يجب أن يبنى على الحقائق العلمية الموثوقة، وليس على أوهام الدعاية التجارية والسعي وراء الكسب السريع.