استشاري نفسي لـ “اليوم”: الألعاب القتالية تخطت مرحلة الترفيه وتهدد نفسية الأطفال

دق استشاري الطب النفسي الدكتور محمد إعجاز براشا ناقوس الخطر بشأن تصاعد ظاهرة تعلق الأطفال بالأجهزة الإلكترونية، مؤكدًا لـ ”اليوم“ أنها تجاوزت مرحلة الترفيه العابر لتصل إلى مستويات مقلقة من ”الإدمان السلوكي“ الذي يهدد البناء النفسي والجسدي للطفل.

ودعا “براش” الأسر والمدارس إلى تبني استراتيجية تكاملية عاجلة لضبط ”الفوضى الرقمية“ وتوفير بدائل واقعية تحمي هوية الجيل الناشئ وصحته.

وأرجع هذا الارتباط المرضي إلى عدة محفزات تقنية ونفسية، أبرزها اعتماد

التطبيقات الحديثة على عناصر الجذب اللوني والمكافآت الفورية التي تسيطر على دماغ الطفل، بالتزامن مع غياب البدائل الترفيهية الواقعية وانشغال الوالدين عن الرقابة المباشرة، مما جعل الشاشات الملاذ الأسهل والأخطر في آن واحد.

وحذر الاستشاري من أن الانغماس الطويل في العالم الافتراضي يؤدي إلى تآكل المهارات الاجتماعية للطفل، حيث يستبدل التفاعل الواقعي بالعزلة والانطواء، مما يضعف قدرته على تكوين صداقات حقيقية ويخلق حالة من تشتت الهوية نتيجة تقمصه لشخصيات رقمية وهمية بدلاً من الاقتداء بنماذج إنسانية حية.

ونبه إلى خطورة الآثار التعليمية المترتبة على هذا الإدمان، مشيرًا إلى أن الشاشات تسبب تشتتًا ذهنيًا يضعف الذاكرة والقدرة على الحفظ، إضافة إلى تراجع مهارات القراءة التقليدية وانخفاض الدافعية الدراسية، ناهيك عن الإجهاد الصباحي الناتج عن السهر المتواصل أمام الألعاب.

وفيما يخص الألعاب الإلكترونية، أوضح الدكتور براشا أنها تشكل الجانب الأكثر خطورة، إذ تزرع في الطفل سلوكيات عدوانية ولغة عنيفة، وتربط شعوره بالرضا النفسي بتحقيق نقاط وهمية، فضلاً عن تسببها في اضطرابات النوم والسمنة المفرطة نتيجة الخمول وقلة الحركة.

وشدد على أن الحل يبدأ من داخل المنزل عبر فرض ”حجر صحي رقمي“ يتضمن منع الأجهزة تمامًا قبل النوم وفي أوقات الطعام لتعزيز الروابط الأسرية، مع تحديد ساعات استخدام صارمة تتناسب مع المرحلة العمرية، شريطة أن يقدم الوالدان القدوة الحسنة بتقليل استخدامهم للهواتف أمام أبنائهم.

ولفت إلى أن الأضرار لا تتوقف عند الجانب النفسي، بل تمتد لتشمل مشكلات صحية ملموسة مثل جفاف العين، وآلام الرقبة والعمود الفقري الناتجة عن الجلسات الخاطئة، وتأثر نمو العظام لدى الأطفال الصغار، مما يستدعي تدخلًا طبيًا وسلوكيًا مبكرًا.

وحمل براشا المدارس مسؤولية موازية لدور الأسرة، مطالباً إياها بتفعيل برامج توعوية مكثفة وتنظيم أنشطة بدنية وتفاعلية تعيد للطلاب حيويتهم الاجتماعية، مع ضرورة تقنين استخدام التقنية داخل الفصول الدراسية لضمان بيئة تعليمية صحية ومتوازنة.