مختصون لـ “اليوم”: التدريب والرقمنة وتعزيز ثقافة الإبلاغ تدعم جودة رعاية المرضى
وشددوا على أن التحديات الراهنة تتطلب الاستثمار في التدريب المستمر، والتحول الرقمي، وتوحيد السياسات والمعايير، مع غرس ثقافة الإبلاغ بلا خوف، وتمكين المريض وذويه كشركاء فاعلين في العملية العلاجية.
وأوضحوا في حديثهم لـ”اليوم” بمناسبة اليوم العالمي لسلامة المرضى، أن المرحلة المقبلة تستدعي مضاعفة الجهود نحو بناء برامج محاكاة متقدمة، وتفعيل الاعتماد الوطني والدولي، وربط مؤشرات السلامة بأداء المؤسسات الصحية، بما يحقق نقلة نوعية تسهم في رفع جودة الخدمات وتعزيز ثقة المجتمع بالمنظومة الصحية.
تحديات العمل الطبي
وأوضحت الدكتورة بنان محمد العمودي، استشاري الطب الوقائي بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز والأستاذ المساعد في الوبائيات بقسم طب المجتمع بالجامعة، أن منظومة سلامة المرضى في المملكة تواجه تحديات عدة، من أبرزها تفاوت مستوى الوعي بين
الكوادر الصحية، وضغوط العمل اليومية التي قد تؤدي إلى ارتفاع احتمالية الأخطاء، إضافة إلى الحاجة الماسة لوجود أنظمة تقنية موحدة تساعد على اتخاذ القرار الطبي السليم.
وأكدت أن التغلب على هذه التحديات يتطلب الاستثمار الجاد في تدريب الكوادر الصحية بشكل مستمر، وتوظيف التقنيات الرقمية الحديثة لتقليل المخاطر وتعزيز كفاءة الأداء.
وبيّنت أن تعزيز ثقافة السلامة يتحقق من خلال غرس قيم الشفافية وتشجيع الإبلاغ عن الأخطاء دون فرض عقوبات، إلى جانب إشراك المرضى وذويهم في الخطة العلاجية ومضاعفة جهود التوعية المجتمعية.
محاكاة للتدريب العملي
وأوصت العمودي بضرورة تبني برامج محاكاة للتدريب العملي، ودعم البحث العلمي في مجال سلامة المرضى، وتكثيف التعاون بين الهيئات الصحية لتوحيد السياسات والمعايير الوطنية.
من جانبها، أكدت الدكتورة أروى بنت خالد العمران، الأستاذ المشارك في كلية الصحة العامة، أن المحافظة على سلامة المرضى تعد من أهم مسؤوليات الممارس الصحي،
ولذلك أولت وزارة الصحة هذا الجانب اهتماماً كبيراً عبر برامج متعددة، من أهمها برنامج “ثقافة سلامة المرضى” الذي يقدمه المركز السعودي لسلامة المرضى، والذي يهدف إلى قياس وعي الممارسين الصحيين بشكل دوري ووضع خطط عملية لرفع مستوى الوعي استناداً إلى نتائجه.
وأوضحت أن جميع حوادث سلامة المرضى أصبحت تُسجّل إلكترونياً، مما يسهل على المنشآت الصحية تحليل البيانات والتعامل معها بفعالية أكبر.
ولفتت إلى أن أبرز التحديات تكمن في نقص التوحيد بتطبيق بروتوكولات السلامة، ونقص التدريب المستمر للكوادر.
وأكدت أن تجاوز هذه العقبات يتطلب اعتماد معايير وطنية موحدة، وتعزيز برامج التعليم والتدريب المستمر.
كما شددت العمران على أهمية دمج مفاهيم سلامة المرضى في التعليم الأكاديمي، وتشجيع الإبلاغ بلا خوف، وتثقيف المرضى بحقوقهم عبر منصات وزارة الصحة.
برامج وطنية بالذكاء الاصطناعي
وأوصت بضرورة تطوير برامج وطنية مدعومة بالذكاء الاصطناعي وأنظمة التحليل المتقدم، وزيادة المشاركة المجتمعية لرفع الوعي وضمان جودة الرعاية ورضا المرضى.
أما الدكتور علي حمد بالحارث، استشاري الطب الباطني والمستشفيات والحاصل على البورد الأمريكي وزمالة الكلية الملكية الكندية، فقد شدد على أن سلامة المرضى تمثل الركيزة الأساسية لجودة واستدامة أنظمة الرعاية الصحية.
وقال إن أبرز التحديات الراهنة تتمثل في ارتفاع الضغط الكبير على الكوادر الصحية، وكثرة الإجراءات التشخيصية والعلاجية، الأمر الذي يزيد احتمالية وقوع الأخطاء، إلى جانب التفاوت بين المنشآت في تطبيق معايير الجودة، ونقص تبني ثقافة الإبلاغ عن الحوادث الطبية.
وأكد أن التغلب على هذه التحديات يتطلب حوكمة ورقابة رقمية متطورة، وتدريباً مستمراً يرسخ مفهوم “السلامة أولاً”، مع التحول من ثقافة العقاب إلى ثقافة التعلم من الخطأ.
وأضاف بالحارث أن غرس مبادئ سلامة المرضى في مناهج التعليم الصحي وتكثيف برامج التوعية للكوادر الصحية يعدان مطلباً أساسياً، إلى جانب إشراك المريض وذويه في الخطة العلاجية عبر تواصل فعّال وشفاف.
وأوصى بالتوسع في تطبيق الذكاء الاصطناعي لدعم القرار الطبي، وتطوير مراكز محاكاة متقدمة لتدريب الكوادر على المواقف عالية الخطورة، وربط مؤشرات وطنية معلنة بسلامة المرضى مع نظم تقييم الأداء لتحفيز التحسين المستمر.
بدورها، أوضحت الدكتورة شيماء عبدالعزيز عبدالعال، استشارية الصحة العامة وطب المناطق الاستوائية، أن أبرز التحديات التي تواجه منظومة سلامة المرضى تتمثل في تزايد متطلبات الخدمة الصحية مقارنة بالموارد المتاحة للكوادر، إضافة إلى الحاجة لتعزيز أنظمة
الإبلاغ عن الحوادث الطبية بشكل أكثر أماناً وشفافية، مع اعتبار أن أخطاء الدواء من أكثر المشكلات شيوعاً على مستوى العالم.
وأكدت أن تعزيز ثقافة السلامة يتطلب تدريب الكوادر الصحية بشكل مستمر على أفضل الممارسات، وتشجيعهم على العمل بروح الفريق، إلى جانب إشراك المرضى وذويهم في الخطة العلاجية عبر تزويدهم بالمعلومات الواضحة ومنحهم الوقت الكافي لطرح الأسئلة واتخاذ القرارات المشتركة.
واعتبرت عبدالعال أن اعتبار المريض وذويه شركاء فاعلين في العملية العلاجية يسهم في بناء الثقة وتقليل الأخطاء وتحقيق نتائج علاجية أفضل.
وأوصت بضرورة تفعيل برامج الاعتماد الوطنية والدولية، والاستثمار في التدريب والمحاكاة الطبية، وإنشاء وحدات متخصصة لسلامة المرضى في كل منشأة صحية، وربط مؤشرات السلامة بالأداء المؤسسي، مؤكدة أن الشفافية والتحسين المستمر تمثلان مرتكزات أساسية لتحقيق نقلة نوعية في هذا المجال.
فيما شددت الأخصائية غندوره الزهراني، مختصة مكافحة العدوى، على أن سلامة المرضى
مسؤولية مشتركة تبدأ من صناع القرار وتمتد إلى الكوادر الصحية والمرضى والمجتمع بأسره، مشيرة إلى أن تعزيز ثقافة الوقاية والسيطرة على العدوى يمثل حجر الأساس لضمان بيئة علاجية آمنة ومستدامة.
وأوضحت أن أبرز التحديات تشمل ارتفاع معدلات العدوى المكتسبة في بعض المنشآت الصحية، ومحدودية الالتزام ببعض بروتوكولات السلامة، إضافة إلى المخاطر المرتبطة بالاعتماد المتزايد على الأجهزة الطبية الغازية.
برامج التدريب المستمر
وأكدت أن التغلب على هذه التحديات يتطلب تعزيز برامج التدريب المستمر لكافة الكوادر، وتفعيل سياسات مكافحة العدوى بشكل صارم، والاستثمار في أنظمة الرصد والتبليغ المبكر عن الأحداث الضارة.
كما شددت الزهراني على أهمية نشر مفهوم ثقافة الإبلاغ بلا خوف لتشجيع العاملين على التبليغ عن الأخطاء، إلى جانب عقد ورش عمل ودورات تدريبية دورية تعزز الوعي بأهمية السلامة.
وأكدت أن تثقيف المرضى بحقوقهم وتشجيعهم على المشاركة في خطط العلاج يمثلان محوراً مهماً، داعية إلى توحيد تطبيق معايير الاعتماد الدولية، والتحول الرقمي في متابعة المؤشرات، وتوسيع برامج المحاكاة الطبية، بما يضمن تقليل الأخطاء وتعزيز جودة الرعاية الصحية.
صحيفة عكاظ اليوم ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.