الصحة:-مقاومة-المضادات-الحيوية-تُهدّد-فاعلية-العلاج-وترفع-مخاطر-العدوى

الصحة: مقاومة المضادات الحيوية تُهدّد فاعلية العلاج وترفع مخاطر العدوى

كشفت وزارة الصحة أن مقاومة مضادات الميكروبات تُعد من أكبر التحديات الصحية المتزايدة على مستوى العالم، إذ تهدّد فاعلية الوقاية من حالات العدوى الناجمة عن الجراثيم والطفيليات والفيروسات والفطريات، وتُصعّب علاجها بشكل كبير.

وأوضحت أن نجاح العمليات الجراحية الرئيسية والمعالجة الكيميائية للسرطان يصبح معرضًا للخطر حين لا تتوفر مضادات حيوية فعّالة، مؤكدة أن المرضى المصابين بعدوى مقاومة يتحمّلون تكاليف علاج أعلى بسبب طول مدة المرض، وكثرة الاختبارات، والحاجة إلى أدوية أكثر تكلفة.

وتأتي هذه التحذيرات بالتزامن مع الأسبوع العالمي للتوعية بمقاومة المضادات الحيوية، وهو حملة دولية تهدف إلى رفع الوعي بظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات التي تتزايد بمرور الوقت، مع تراجع استجابة الكائنات الممرِضة للعلاجات المعتادة، مما يصعّب علاج الالتهابات ويزيد من خطورة الأمراض والوفيات.

خطة عالمية

كانت منظمة الصحة العالمية قد أقرّت خطة عمل عالمية عام 2015م للتصدي لهذه الأزمة، ترتكز على تعزيز الوعي والفهم، وتكثيف التثقيف والتدريب، وتشجيع المجتمع على الاستخدام المسؤول للمضادات الحيوية.

وتؤكد الوزارة أن مقاومة مضادات الميكروبات تُعد تهديدًا للصحة العامة، لأنها تُضعف قدرة الأنظمة الصحية على علاج الأمراض المعدية، وتحدّ من فاعلية التدخلات الطبية المنقذة للحياة، إلى جانب الأعباء الاقتصادية التي تتحملها المنشآت الصحية لعلاج حالات المقاومة.

سوء الاستخدام

في سياق متصل قال د. عمار بالطيور، طبيب أسرة في تجمع الشرقية الصحي وباحث دكتوراه في الرعاية الوقائية، إن مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية تنشأ بشكل أساسي بسبب الإفراط في استخدامها وسوء استعمالها، مثل تناول المضادات الحيوية لعلاج العدوى الفيروسية كالزكام أو عدم إكمال الجرعة الموصوفة.د. عمار بالطيور

وأوضح أن الحد من هذه الظاهرة يعتمد على عدم استخدام المضاد الحيوي إلا بوصفة طبية، والالتزام بالجرعات المحددة، وتعزيز الوقاية من العدوى عبر غسل اليدين والتطعيمات.

وأضاف أن استخدام المضادات الحيوية يكون ضروريًا فقط لعلاج العدوى البكتيرية التي يعجز الجسم عن مقاومتها وحده مثل بعض حالات التهاب الحلق البكتيري والتهابات المسالك البولية، بينما يُعد استخدامها خطأً طبيًا عند وصفها لحالات فيروسية لا تستجيب لها، مما يساهم في زيادة المقاومة وانتشارها.

التثقيف المجتمعي

أكد بالطيور أن التثقيف المجتمعي يلعب دورًا محوريًا في ترشيد الاستهلاك من خلال نشر الوعي بمخاطر الاستخدام العشوائي وتشجيع ثقافة العلاج المسؤول، موضحًا أن النصيحة الأساسية تتمثل في عدم طلب أو استخدام أي مضاد حيوي دون استشارة طبية، لأن هذه الأدوية ليست حلاً لجميع الأمراض، واستخدامها بمسؤولية اليوم يضمن استمرار فاعليتها في المستقبل.

فيما قالت الصيدلانية د. سهام المحمادي إن المضادات الحيوية تُعد علاجًا حاسمًا لعدد كبير من الأمراض والالتهابات نظرًا لقدرتها على التداخل مع البكتيريا الموجودة في الجسم وقتلها، مؤكدة أن استعمالها في الوقت المناسب وبجرعات دقيقة يحمي الجسم من أمراض عديدة، إلا أن أضرارها تشكل خطرًا على الصحة العامة عند استخدامها بشكل عشوائي أو دون مراقبة طبية.

وأضافت أن هذه الأدوية يجب أن تُؤخذ بوصفة طبيب، خاصة أن غالبية الالتهابات التي يراجع بسببها المرضى هي التهابات فيروسية لا تحتاج إلى مضادات حيوية، بل تُستخدم هذه الأدوية فقط لعلاج الالتهابات البكتيرية، ولهذا فإن مراجعة الطبيب المختص تعد أمرًا بالغ الأهمية.

بدائل صحيحة

أشارت المحمادي إلى أن البدائل الصحيحة للمضادات الحيوية لدى الأطفال تشمل أخذ التطعيمات كاملة، والاهتمام بالنظافة الشخصية، والرضاعة الطبيعية، وهي ممارسات تدعم المناعة بشكل كبير.

وشددت على أهمية الغذاء الصحي والرياضة والتدابير الوقائية للحد من الأمراض، لافتة إلى أن اتباع أفضل الممارسات هو السبيل لتجنب ظهور مقاومة جديدة أو انتشارها.

وأضافت أن الحل بسيط ويتمثل في عدم استخدام المضادات الحيوية الموجودة في المنزل دون استشارة الطبيب، فالكثير من الأمراض الموسمية مثل الإنفلونزا الفيروسية يمكن علاجها دون اللجوء إلى المضادات الحيوية لأنها غير فعّالة ضد الفيروسات، فضلًا عن أن العديد من الأمراض تحتاج إلى مضادات خاصة وعلاج موجه بدقة.

أبرز التحديات

أوضحت الأستاذ المشارك في الصحة العامة بجامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل، د. أروى العمران، أن مقاومة المضادات الحيوية تُعد من أبرز التحديات الصحية عالميًا، وقد ارتبطت بشكل مباشر بسلوكيات الاستخدام غير الرشيد للمضادات، مثل تناولها دون حاجة، أو عدم الالتزام بجرعات العلاج، أو استخدامها لعلاج التهابات فيروسية لا تستجيب أساسًا للمضادات.د. اروى العمران

وقالت إن هذه الممارسات تؤدي إلى ظهور سلالات بكتيرية مقاومة، مما يقلل من فعالية الأدوية المتاحة ويؤثر على جودة الرعاية الصحية.

خطأ طبي

بيّنت العمران أن استخدام المضاد الحيوي يكون ضروريًا فقط عند وجود عدوى بكتيرية مؤكدة أو مشتبه بها وفق التقييم الطبي، بينما يُعد وصفه أو صرفه لحالات بسيطة أو فيروسية خطأً يسهم في تفاقم مقاومة البكتيريا، ويُعد من السلوكيات التي يجب الحد منها بشكل عاجل.

وأضافت أن التوعية المجتمعية تمثل محورًا رئيسيًا في الحد من سوء الاستخدام، إذ تسهم في تصحيح المفاهيم وتعزيز الثقة بالممارسات العلمية.

واستعرضت نتائج بحث الدكتوراه الذي أجرته خلال الفترة 2012–2014 حول وعي الأهالي باستخدام المضادات الحيوية، والذي أظهر أن التثقيف الصحي يلعب دورًا محوريًا في الحد من الممارسات الخاطئة، كما أكد أهمية التشريعات المنظمة لصرف المضادات الحيوية لحماية المجتمع من تفشي المقاومة.

توصيات علمية

أشارت إلى أن الجهود المبذولة حاليًا من قبل وزارة الصحة تأتي امتدادًا لهذه التوصيات العلمية، إذ تعمل الوزارة على الحد من الاستخدام الخاطئ وتقنين صرف المضادات الحيوية عبر سياسات واضحة واشتراطات تنظيمية تهدف إلى رفع مستوى السلامة الدوائية وضمان الاستخدام المسؤول.

وأكدت د. العمران أن الاستخدام الرشيد للمضادات مسؤولية مشتركة تتطلب وعيًا صحيًا والتزامًا فرديًا ومجتمعيًا للحفاظ على فعالية هذه الأدوية الحيوية للأجيال القادمة.

صحيفة عكاظ اليوم ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *