مختصون-لـ”اليوم”:-اضطراب-ما-بعد-الصدمة-حالة-شائعة.-والدعم-الأسري-ضروري-للتعافي

مختصون لـ”اليوم”: اضطراب ما بعد الصدمة حالة شائعة.. والدعم الأسري ضروري للتعافي

أكد مختصون في علم النفس والاجتماع أن اضطراب ما بعد الصدمة يُعد من أكثر الاضطرابات النفسية ارتباطًا بالأحداث الصادمة التي يعيشها الإنسان، ويؤثر بشكل كبير في الأداء اليومي والعلاقات الاجتماعية والنفسية للمصاب.

وأوضحوا في حديثهم لـ”اليوم”، بمناسبة اليوم العالمي للتوعية باضطراب ما بعد الصدمة، أن التدخل المبكر، ووعي الأسرة، وتفهم المجتمع المحيط، تمثل ركائز أساسية في تعزيز فرص التعافي، والحد من تطور الحالة إلى اضطراب مزمن.

اضطراب ما بعد الصدمة

وقالت الأخصائي النفسي أول د. سمر بن سيف، إن اضطراب ما بعد الصدمة يظهر عادة بعد التعرض لحادث صادم، وتشمل أبرز علاماته: استرجاع الذكريات المؤلمة، الكوابيس، تجنّب الأشخاص أو الأماكن المرتبطة بالحادث، والشعور الدائم بالتوتر.

وأوضحت أن الفرق بين هذا الاضطراب وبين القلق أو الاكتئاب العابر يكمن في أن الأعراض المرتبطة بالصدمات تكون مستمرة ومؤثرة على الحياة اليومية بشكل ملحوظ.

وأضافت أن التدخل المبكر مهم جدًا، إذ يساعد في تقليل الأعراض وتحسين جودة الحياة، من خلال العلاج النفسي مثل العلاج السلوكي المعرفي أو العلاج بالتعرض، وأحيانًا يُستخدم العلاج الدوائي بحسب الحالة، وشددت على أن للأسرة دور كبير في الدعم، خصوصًا إذا كان المصاب طفلًا أو مراهقًا.
د. سمر السف
وهنا، يصبح من المهم أن يلاحظ الأهل أي تغيّر في سلوك ابنهم أو بنتهم، ويأخذوه بجدية، ويعرضوه على مختص نفسي في أقرب وقت، مؤكدة أن الدعم الأسري يصنع فرقًا كبيرًا في رحلة التعافي، وأن نشر الوعي والاهتمام هو أول خطوة نحو العلاج.

أعراض الإصابة

من جهتها، أوضحت الأخصائي النفسي أول ريم إبراهيم السعوي أن أبرز العلامات التي تشير إلى الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة تتضمن التعرض لحدث صادم، تكرار الذكريات المرتبطة به، كوابيس وأحلام متكررة، معايشة الحدث الصادم عبر ما يُعرف بـ “الفلاش باك”، وتجنّب المثيرات المرتبطة بالحادث.

وقالت إن اضطراب ما بعد الصدمة يشترك مع القلق والاكتئاب في بعض الأعراض، وقد يظهر معها بشكل متزامن، إلا أن التمييز الأساسي يكمن في ضرورة وجود حدث صادم يسبق ظهور الأعراض.

وأضافت أن التدخل المبكر يُعتبر أمرًا بالغ الأهمية، حيث يسهم في إدارة أعراض الاضطراب بما في ذلك التأثيرات السلوكية والمعرفية والعاطفية، مما يُساعد في تحسين نوعية الحياة اليومية للمصابين.
ريم السعوي
وفيما يتعلق بدور الأسرة والمجتمع، أكدت السعوي أن التفهّم والتعاطف أمران مهمان في التعامل مع المصاب، ورفع الوعي والمعرفة بكرب ما بعد الصدمة يُساعد على فهمه والتعامل معه بشكل أفضل.

ونصحت بالاستماع إلى المصاب والتصديق على مشاعره دون حكم أو انتقاد، ومنحه مساحة خاصة للتعبير عن مشاعره، واحترام حدوده، ومساعدته على الرعاية الذاتية وممارسة الأنشطة اليومية دون ضغط، وتقبل ردود أفعاله دون أخذها على محمل شخصي، وأخيرًا تشجيعه على طلب المساعدة المهنية.

وختمت قائلة: “دعمك وتفهمك وتواجدك إلى جانب المصاب يمكن أن يكون له دور كبير في مساعدته على الشعور بالأمان أثناء رحلة الشفاء”.

أساليب علاجية

وفي السياق نفسه، بيّنت الأخصائية الاجتماعية شريفه عبدالله المطيري أن أبرز العلامات التي قد تشير إلى الإصابة باضطراب ما بعد الصدمة تتضمن استرجاع الحدث الصادم بشكل متكرر عبر كوابيس، وتجنّب الأماكن أو الأشخاص المرتبطين بالحادث، والشعور بالذنب أو الخوف المفرط، بالإضافة إلى اضطرابات في النوم والتركيز، وردود فعل عصبية مفاجئة مثل نوبات الغضب أو الفزع.

وأوضحت أن الفرق بين هذا الاضطراب والقلق أو الاكتئاب العابر يكمن في مدة الأعراض وشدتها، إذ تستمر أعراض اضطراب ما بعد الصدمة لأكثر من شهر، وتؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية، في حين أن أعراض القلق أو الاكتئاب المؤقتة قد تزول دون تدخل علاجي.

وفيما يخص الأساليب العلاجية، أشارت المطيري إلى أن العلاج المناسب يختلف من حالة لأخرى بحسب الأعراض المصاحبة، إلا أن من أبرزها: العلاج السلوكي المعرفي (CBT) لتعديل الأفكار السلبية، علاج التعرض المطوّر لمساعدة المريض على مواجهة الذكريات المؤلمة تدريجيًا، العلاج الدوائي باستخدام مضادات الاكتئاب أو القلق تحت إشراف طبي، والدعم الجماعي أو الأسري كعامل مساعد ومؤثر في عملية التعافي.

أما عن دور الأسرة، فأكدت أنه يتمثل في الاستماع دون إصدار أحكام، والتشجيع على العلاج دون إجبار، وتوفير بيئة آمنة ومستقرة نفسيًا، ومشاركة المصاب وجدانيًا فيما يشعر به.
شريفه المطيري
وحذّرت من بعض الأخطاء الشائعة مثل التقليل من مشاعره بعبارات مثل “انسى، ما يستاهل”، أو لومه على ردود فعله، أو الضغط عليه للعودة إلى حياته الطبيعية بسرعة، لأن ذلك قد يزيد من تدهور حالته.

وأضافت المطيري أن نتائج “المسح الوطني السعودي للصحة النفسية” تشير إلى أن اضطراب ما بعد الصدمة يُعد من الاضطرابات الأكثر شيوعًا في المملكة، حيث بلغت نسبته 3.9٪ بين الذكور والإناث، ما يؤكد الحاجة إلى تطوير مهارات المختصين وتوفير تدخلات مهنية بكفاءة عالية.

فرص التعافي

من جهتها عبّرت الأخصائية النفسية ندى الحربي عن عمق هذا الاضطراب بقولها: “ما بعد الصدمة، حين تبقى الروح في ساحة الحدث، تمرّ بعض التجارب علينا، لكنها لا تمرّ بداخلنا، يظل الجسد حاضرًا في الواقع، بينما العقل والقلب عالقان هناك، في لحظة الألم”.

وأوضحت أن هذا الاضطراب يظهر من خلال استرجاع مزعج للحدث، وتجنب المواقف المشابهة، واضطرابات في النوم واليقظة، ونوبات قلق حادة، مؤكدة أن كثيرًا من الناس يخطئون في تشخيصه كاكتئاب أو قلق عابر، بينما هو أكثر عمقًا وتشابكًا.

وشددت على أن التدخل المبكر يزيد من فرص التعافي، وأن أكثر الأساليب العلاجية فاعلية تشمل العلاج المعرفي السلوكي، والتعرض التدريجي، وعلاج حركة العين والتخلص من التوتر (EMDR)، وجميعها تهدف إلى تفكيك الارتباط المؤلم مع الحدث وبناء معنى جديد للتجربة.

وأكدت أن وجود العائلة والمجتمع بطريقة واعية يمثل حجر الأساس في التعافي، وذلك بالإنصات دون إطلاق أحكام، وتجنب العبارات التي تقلل من المعاناة.

واختتمت بقولها: “التعافي ممكن، لكنه يحتاج إلى مساحة آمنة، وقلوب تدرك أن الصدمة ليست ضعفًا، بل أثر نجاة”.

صحيفة عكاظ اليوم ، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة السعودية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار العالمية و المحلية، الاقتصاد، تكنولوجيا ، فن، أخبار الرياضة، منوعات و سياحة.

اخبار تهمك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *